عراق ما بعد داعش واحتجاجات إيران
في 12 مايو المقبل ستجري انتخابات برلمانية، وبالتالي حكومية، في العراق. أهمية هذه الانتخابات - على الأقل للمملكة والخليج - أنها تأتي بعد الهزة العنيفة، التي شهدها الداخل السياسي الإيراني، والتي استطاعت قبضة الملالي الفولاذية أن تقمعها، غير أن تأثيراتها الارتدادية على سياسات النظام الحاكم في إيران، لا بد وأن تكتنف مرحلة ما بعد تلك الأحداث.
في العراق الأحزاب السياسية المسجلة بشكل رسمي أكثر من مائتي حزب سياسي بقليل، وجميعها تطرح أنها مع وحدة استقلال الجغرافيا العراقية، ومع الوطنية بما فيها كردستان العراق، وضد الإرهاب، وضد الفساد المالي والإداري، غير أنها عند التطبيق، تفكر في الغنيمة السياسية، وربما المالية، فتدور مع تلك الغنائم، حيث دارت واتجهت، متناسية ما جاء في برامجها. لذلك فإن الديمقراطية الحالية في العراق هي ديمقراطية فوضوية، وهي كذلك شكلية أما المضمون، فليس لها علاقة بها، تحكمه تكتلات أحزاب تغير توجهاتها وتحالفاتها بين اليوم والآخر، الأمر الذي جعل هذه الديمقراطية الوليدة، أقرب إلى تجاذبات ومصالح فئوية وطائفية، يغلب عليها الفساد السياسي والمالي بكل أنواعه.
قوة ونفوذ إيران، كما يتوقع كثير من المتابعين والمحلّلين، لن تكون على الأقل في المستقبل المنظور، مثلما كانت قبل الاحتجاجات والتظاهرات الأخيرة، فثورة الجياع التي اكتسحت أغلب المدن الإيرانية، ستحد جزماً من إمكانياتها وقدراتها على النفوذ في الشأن العراقي، أضف إلى ذلك أن هناك نزعة عراقية، بدأت تتسع وتتجذر، تقدم الوطن على الطائفة، وهذه النزعة الوطنية، يتصدر قيادييها كثيرون، على رأسهم إياد علاوي ومقتدى الصدر، وكلما اتسعت هذه النزعة الوطنية أكثر، ستكون بلا شك على حساب نفوذ وتوسع الإيرانيين، وتراجع نفوذهم في داخل العراق.
كما أن العلاقات الأمريكية الإيرانية المتوترة، ستسهم بلا شك في تراجع النفوذ الإيراني في العراق؛ فالرئيس الأمريكي ترامب، ليس كالرئيس السابق أوباما، الذي سلّم الإيرانيين العراق على طبق من ذهب، مقابل توقيع الاتفاقية النووية معهم، لتكون أهم منجز حققه ذلك الرئيس في تاريخه.
وعلى أية حال، وللأسباب التي تطرقت لها سابقاً، لا أعتقد أن العراق بعد الانتخابات القادمة، سيكون كما كان عراق المالكي ولا حتى عراق الحيدري، فقواعد اللعبة هناك اختلفت إلى حد بعيد.
نقلًا عن "الجزيرة"
لا يوجد تعليقات